الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
245353 مشاهدة print word pdf
line-top
صلاة الجماعة فرض عين

[باب: صلاة الجماعة والإمامه]
وهي فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضرا وسفرا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقد هممت أن آمر بالصلاة أن تقام، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار متفق عليه .



[باب: صلاة الجماعة والإمامة]
صلاة الجماعة من شعائر الإسلام ومن أجلها بنيت المساجد، ولأجلها نصب الأئمة والمؤذنون، وبها تجتمع الكلمة، وفيها يتلاقى المسلمون بعضهم ببعض؛ حيث يتصافون كل يوم خمس مرات في هذا المسجد أو غيره.
قوله: (وهي فرض عين للصلوات الخمس على الرجال حضرا وسفرا... إلخ):
اختار المؤلف أن صلاة الجماعة فرضر عين، واختار أكثر العلماء أنها واجبة، وذكر بعضهم أنها سنة، وهو ما ذهب إليه الشافعية، ويستدلون بحديث الفضل، وهو قوله: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة فقالوا: لو كانت باطلة لما كان فيها فضل، فدل على أنها صحيحة مجزئة، ولكن نحن نقول: الصحيح أنها واجبة، ولا ينافي تفضيلها أن الذي يتخلف عنها يعاقب.
واختيار شيخ الإسلام كاختيار ابن سعدي وهو أنها فرض عين، ومعناه أنه لا يصح لأحد أن يصلي في بيته وهو يقدر على الجماعة، وعلى هذا القول من صلى في بيته وهو يقدر على الجماعة وقد سمع المؤذن فلا صلاة له، واستدل بحديث في بلوغ المرام: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر وفسر العذر بالخوف أو المرض فقوله: فلا صلاة له، دل على أنها لا تقبل صلاته؛ لأنه سمع المؤذن يناديه فلم يجبه، فهذا دليل من قال: أنها فرض عين.
وأما من قال إنها واجبة من الواجبات فاستدلوا بمحافظة النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها وصحابته، وكدلك أمره بإجابة المؤذن للأعمى الذي قال: هل لي من رخصة؟ قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب . وفي رواية: لا أجد لك رخصة .
وفرضيتها خاصة بالرجال دون النساء، ولكن لوصلين في المسجد فلا يمنعن؛ لحديث: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن كذلك تلزم الجماعة حتى المسافرين، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في أسفاره إذا حضرت الصلاة أمر المنادي فنادى ثم اجتمعوا فصلوا خلفه، ولم يصلوا في رحالهم إلا إذا كانوا متفرقين، فإنهم يصلون جماعات.
وكذلك استدلوا على وجوبها بقوله -صلى الله عليه وسلم- ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى أناس لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار واستدل به على أنهم عاصون وذنبهم كبير ويستحقون الإحراق، ولكنه امتنع من ذلك كما في بعض الروايات: لولا ما فيها من النساء والذرية .
وفي سنن أبي داود: أنطلق إلى أناس يصلون في بيوتهم فدل على أنهم يصلون ولكن لا يحضرون مع الجماعة، فاستحقوا هذا الوعيد، وهو أن يحرق عليهم بيوتهم.

line-bottom